هادم اللذات
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق أجمعين والمرسل رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم وعلى آله الاطهار وأصحابه الاخيار من المهاجرين والانصار
اخى الحبيب أختى الحبيب هذا موضوع هادم اللذات والبعث والحساب أتمنا من الله أن ينتفع الجميع به وأن يذكرن هذابالموت وسكرته والقبروظلمتة والصراط وزلته جعلنا الله أجمعين مع حبيبه صلى الله عليه وسلم فى الفردوس الاعلى هادم اللذات
الموت
ليس له صاحب , فإذا جاء انتهى كل شيء .
ليس له مكان , فالعالم كله بأسره مكانه .
لا تستطيع الهروب منه أو الاختباء ولو كنت في بروج مشيدة.
ليس له زمان , فهو يعمل طوال اليوم على مدار العام .
لا ينتظر أحد ولكن الكل ينتظره.
هادم الآمال والطموحات والأحلام .
قبله شيء وبعده شيء آخر .
فهو نهاية المرحلة الأولى للإنسان .
قال الله تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{9} وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ{10} وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{11})) المنافقون
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
أكثروا ذكر هازم اللذات ... الموت ( الترمذي ) .
روى ابن ماجه مختصرا بإسناد جيد والبيهقي في الزهد ولفظه :
أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أفضل:
قال : أحسنهم خلقا .
قال : فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم لما بعده استعدادا أولئك الأكياس .
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده .
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
( أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعدّ نفسك من أصحاب القبور ) أي لا تركننّ إليها ولا تتخذها وطناً ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا بالاعتناء بها ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه. لا تشتغل فيها به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:
إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.
حضور الموت
قال الله تعالى:
(( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{100} فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ{101}))المؤمنون
وعن أنس رضي الله عنه قال:
خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وقال هذا الإنسان وخط إلى جنبه خطا وقال هذا أجله وخط آخر بعيدا منه فقال هذا الأمل فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب (أي جاءه أجله) (رواه البخاري واللفظ له والنسائي بنحوه)
وعن بريدة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما مثل هذه وهذه ورمى بحصاتين قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا الأمل وذاك الأجل (رواه الترمذي) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا وخط خطا في الوسط خارجا منه وخط خطوطا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط فقال هذا الإنسان وهذا أجله محيط به أو قد أحاط به وهذا الذي هو خارج أمله وهذه الخطط الصغار الأعراض فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا (رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه)
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل وهو يعظه: اغتنم خمسا قبل خمس:
شبابك قبل هرمك.
وصحتك قبل سقمك.
وغناك قبل فقرك.
وفراغك قبل شغلك.
وحياتك قبل موتك . (رواه الحاكم)
قال اللّه تعالى:
((مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ{15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{16}))هود.
وقال الله تعالى:
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الجمعة8
و قال الله تعالى:
((أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ{205} ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ{206} مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ{207})) الشعراء
وقال الله عزِ وجلّ :
{وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً }النساء131
وقال اللّه تعالى:
((أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ{16} ))الحديد
عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال :
أخوف ما أخاف عليكم اثنان:طول الأمل و إتباع الهوى .
ألا إن : طول الأمل ينسي الآخرة .
وإتباع الهوى يصدك عن الحق .
فإذن يصير فكرك في حديث الدنيا وأسباب العيش في صحبة الخلق نحوها فيقسو القلب فبسبب طول الأمل:
1- تقل الطاعة .
2- وتتأخر التوبة .
3- وتكثر المعصية.
4- ويشتد الحرص .
5- ويقسو القلب .
6- وتعظم الغفلة .
وإنما رقة القلب وصفوته تكون:
1- بذكر الموت ومفاجأته .
2- والقبر .
3- والثواب والعقاب .
4- وأحوال الآخرة .
قال اللّه تعالى:
{مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً }الإسراء18
وقال اللّه تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ }لقمان33
وقال اللّه تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}فاطر5
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون اتقوا الدنيا واتقوا النساء .
(رواه مسلم)
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الدنيا حلوة خضرة فمن أخذها بحقها بارك الله له فيها ورب متخوض فيما اشتهت نفسه ليس له يوم القيامة إلا النار .
(رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات)
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال إن مما أخاف عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها (رواه البخاري ومسلم)
وعن كعب بن عياض رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال .
(رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يريد حرث الآخرة الآية قال :
يقول الله ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك (رواه ابن ماجه والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن وابن حبان في صحيحه باختصار إلا أنه قال ملأت يدك شغلا والحاكم والبيهقي في كتاب الزهد وقال الحاكم صحيح الإسناد).
الموت وسكراته
قال اللّه تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185
وقال اللّه تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
وقال اللّه تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }العنكبوت57
وقال تعالى:
{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }ق19
وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان بين يديه علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول لا إله إلا اللّه إن للموت لسكرات ثم نصب يديه فجعل يقول إلى الرفيق الأعلى حتى قبض (صحيح البخاري).
وفي صحيح البخاري: لما ثقل صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فجعلت فاطمة رضي اللّه عنها تقول واكرب أبتاه فقال صلى الله عليه وسلم لا كرب على أبيك بعد اليوم .
وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه :
يا كعب حدثنا عن الموت فقال نعم يا أمير المؤمنين . هو كغصن كثير الشوك أدخل في جوف رجل فأخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد الجذب فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى .
ويروى أن إبراهيم عليه السلام لما مات :
قال اللّه عز وجل له : كيف وجدت الموت.
قال :كسفود جعل في صوف رطب ثم جذب.
فقال الله تعالى له : أما إنا قد هونا عليك .
وعن موسى صلوات اللّه عليه:
أنه لما صارت روحه إلى اللّه عز وجل قال له :
يا موسى كيف وجدت الموت قال: وجدت نفسي كشاة حية بيد القصاب تسلخ.
وكان عمرو بن العاص رضي اللّه عنه يقول:
لوددت لو أني رأيت رجلاً لبيباً حازماً قد نزل به الموت فيخبرني عن الموت فلما أنزل به الموت قيل له يا أبا عبد اللّه كنت تقول أيام حياتك لوددت أني رأيت رجلاً لبيباً حازماً قد نزل به الموت يخبرني عن الموت وأنت ذلك الرجل اللبيب الحازم وقد نزل بك الموت فأخبرنا عنه.
فقال: أجد كأن السماوات انطبقن على الأرض وأنا بينهما وكأن نفسي تخرج على ثقب إبرة.
روى عن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما قال:
* إذا بقي على المؤمن من ذنوبه شيء لم يبلغه عمله شدد عليه الموت ليبلغ بسكرات الموت وشدته درجته في الجنة.
* وإن الكافر إذا كان عمله معروفاً في الدنيا هون عليه الموت ليستكمل ثواب معروفه في الدنيا ثم يصير إلى النار.
وقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم :
الأمراض والأوجاع كلها بريد الموت ورسل الموت فإذا حان الأجل أتى ملك الموت بنفسه وقال أيها العبد كم خبر بعد وكم رسول بعد رسول وكم بريد بعد بريد أنا الخبر ليس بعدي خبر وأنا الرسول ليس بعدي رسول أجب ربك طائعاً أو مكروهاً فإذا قبض روحه وتصارخوا عليه قال على من تصرخون وعلى من تبكون؟ فو اللّه ما ظلمت له أجلاً ولا أكلت له رزقاً بل دعاه ربه فليبك الباكي على نفسه فإن لي فيكم عودات وعودات حتى لا أبقي منكم أحداً (الوسيط للواحدي بإسناده عن ابن عباس )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر (رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن)
اللهم اننا نسالك حسن الخاتمة